وأذن في الناس بالحج...لماذا ؟؟
صفحة 1 من اصل 1
وأذن في الناس بالحج...لماذا ؟؟
إخوانى في الله
كل عام وانتم بخير الحج اقترب وكذلك زاد معه الاشتياق الى البيت
اللهم ما اجعلنا من زوار ه والحج اليه يارب العالمين
يقول الله تعالى فى سوره الحج:
واذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق
أمر الله نبيه إبراهيم بعد أنْ رفع القواعد من البيت أنْ يُؤذِّن في الناس بالحج، لماذا؟
لأن البيت بيت الله، والخَلْق جميعاً خَلْق الله، فلماذا تقتصر رؤية البيت على مَنْ قُدِّر له أنْ يمرّ به،
أو يعيش إلى جواره؟
فأراد الحق - سبحانه وتعالى - أنْ يُشيع هذه الميْزة بين خَلْقه جميعاً، فيذْهبوا لرؤية بيت ربهم،
وإنْ كانت المساجد كلها بيوت الله،
إلا أن هذا البيت بالذات هو بيت الله باختيار الله؛ لذلك جعله قبْلة لبيوته التي اختارها الخَلْق.
إن من علامات الولاء بين الناس أنْ نزور قصور العظماء وعِلْية القوم، ثم يُسجل الزائر اسمه في
سِجلِّ الزيارات،ويرى في ذلك شرفاً ورِفْعة، فما بالك ببيت الله،
كيف تقتصر زيارته ورؤيته على أهله والمجاورين له أو مَنْ قُدِّر لهم المرور به؟
ومعنى { أَذِّن.. }الأذان: العلم، وأول وسائل العلم السماع بالأذن، ومن الأذن أُخذ الأذان. أي: الإعلام.
ومن هذه المادة قوله تعالى:
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ.. }[إبراهيم: 7]
أي: أعلم؛ لأن الأذن وسيلة السماع الأولى، والخطاب المبدئي الذي نتعلَّم به؛ لذلك قبل أنْ تتكلَّم لا بُدَّ
أنْ تسمع.وحينما أمر الله إبراهيم بالأذان لم يكُن حول البيت غير إبراهيم وولده وزوجته، فلمَنْ يُؤذِّن؟
ومَنْ سيستمع في صحراء واسعة شاسعة وواد غير مسكون؟
فناداه ربه: " يا إبراهيم عليك الأذان وعلينا البلاغ ".
مهمتك أنْ ترفَع صوتك بالأذان، وعلينا إيصال هذا النداء إلى كل الناس، في كل الزمان،
وفي كل المكان، سيسمعه البشر جميعاً، وهم في عالم الذَّرِّ وفي أصلاب آبائهم بقدرة الله تعالى
الذي قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:
{ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ.. }[الأنفال: 17].
يعني: أَدِّ ما عليك، واترك ما فوق قدرتك لقدرة ربك. فأذَّنَ إبراهيم في الناس بالحج،
ووصل النداء إلى البشر جميعاً، وإلى أن تقوم الساعة، فَمنْ أجاب ولَبَّى: لبيك اللهم لبيك كُتِبَتْ له حجة،
ومَنْ لبَّى مرتين كتِبت له حجَّتيْن وهكذا، لأن معنى لبيك: إجابةً لك بعد إجابة.
فإنْ قُلْتَ: إن مطالب الله وأوامره كثيرة، فلماذا أخذ الحج بالذات هذه المكانة؟
نقول: أركان الإسلام تبدأ بالشهادتين: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصوم،
ثم الحج،لو نظرتَ إلى هذه الأركان لوجدتَ أن الحج هو الركن الوحيد الذي يجتهد المسلم في أدائه
وإنْ لم يكُن مستطيعاً له ....
فتراه يوفر ويقتصد حتى من قُوته، وربما حرمَ نفسه لِيُؤدِّي فريضة الحج، ولا يحدث هذا ولا يتكلفه
الإنسان إلا في هذه الفريضة، لماذا؟
قالوا: لأن الله تعالى حكم في هذه المسألة فقال: أَذِّن - يأتوكَ، هكذا رَغْماً عنهم، ودون اختيارهم،
أَلاَ ترى الناس ينجذبون لأداء هذه الفريضة، وكأن قوة خارجة عنهم تجذبهم.
وهذا معنى قوله تعالى:
{ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ.. }[إبراهيم: 37]
ومعنى تهوي: تأتي دون اختيار من الْهُويِّ أي: السقوط، وهو أمر لا يملكه الإنسان، كالذي يسقط
من مكان عالٍ، فليس له اختيار في ألاَّ يسقط.
وهكذا تحِنُّ القلوب إلى بيت الله، وتتحرَّق شَوْقاً إليه، وكأن شيئاً يجذبها لأداء هذه الفريضة؛
لأن الله تعالى أمر بهذه الفريضة، وحكم فيها بقوله { يَأْتُوكَ.. } [الحج: 27]
أما في الأمور الأخرى فقد أمر بها وتركها لاختيار المكلف، يطيع أو يعصي،
إذن: هذه المسألة قضية صادقة بنصِّ القرآن.
وبعض أهل الفَهْم يقولون:
إن الأمر في: { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ.. } [الحج: 27] ليس لإبراهيم،
وإنما لمحمد صلى الله عليه وسلم - الذي نزل عليه القرآن، وخاطبه بهذه الآية،
فالمعنى
{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ.. }[الحج: 26]
يعني: اذكر يا مَنْ أُنْزل عليه كتابي إذْ بوأنا لإبراهيم مكان البيت، اذكر هذه القضية
{ وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ.. } فكأن الأمر هنا لمحمد صلى الله عليه وسلم.
لذلك لا نشاهد هذا النسك في الأمم الأخرى كاليهود والنصارى، فهم لا يحجون
ولا يذهبون إلى بيت الله أبداً،
وقد ثبت أن موسى - عليه السلام - حج بيت الله، لكن لم يثبت أن عيسى عليه السلام حَجَّ، بدليل
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" " يُوشك أنْ ينزل ابن مريم، ويأتي حاجاً، ويزور قبري، ويُدفن هناك ".
فقال رسول الله: " ويأتي حاجاً " لأنه لم يمت، وسوف يدرك عهد التكليف من رسول الله حين
ينزل من السماء، وسيصلي خلف إمام من أمة محمد صلى الله على جميع أنبياء الله ورُسُله.
ومن المسائل التي نحتجُّ بها عليهم قولهم: إن الذبيح إسحق،
فلو أن الذبيح إسحق كما يدَّعون لكانت مناسك الذبح والفداء ورَمْي الجمار عندكم في الشام،
أمّا هذه المناسك فهي هنا في مكة، حيث كان إسماعيل.
ثم تذكَّروا جيداً ما قاله كتابكم المقدس في الأصحاح 23، 24 من أن الحق - سبحانه وتعالى -:
أوحى إلى إبراهيم أن يصعد على جبل فاران، ويأخذ ولده الوحيد ويذبحه، فالوحيد إسماعيل لا إسحق؛
لأن الله فدى إسماعيل، ثم بشَّر إبراهيم بإسحق.
ومن حكمة الله - عز وجل - أنْ جعل في كذب الكاذب مَنْفذاً للحق، وثغرات نصل منها إلى الحقيقة؛
لذلك يقول رجال القضاء:
ليست هناك جريمة كاملة أبداً، لا بُدَّ أنْ يترك المجرم قرينة تدلُّ عليه مهما احتاط لجريمته،
كأن يسقط منه شيء ولو أزرار من ملابسه، أو ورقة صغيرة بها رقم تليفون.. إلخ،
لذلك نقول: الجريمة لا تفيد؛ لأن المجرم سيقع لا محالة في يد مَنْ يقتصُّ منه.
ولرجال القضاء ووكلاء النيابة مقدرة كبيرة على استخلاص الحقيقة من أفواه المجرمين أنفسهم، فيظل
القاضي يحاوره إلى أنْ يجد في كلامه ثغرةً أو تضارباً يصل منه إلى الحقيقة.
ذلك لأن للصدق وجهاً واحداً لا يمكن أنْ يتلجلج صاحبه أو يتردد، أمّا الكذب فله أكثر من وجه،
والكاذب نفسه لو حاورتَهُ أكثر من مرة لوجدتَ تغييراً وتضارباً في كلامه؛
لذلك العرب يقولون: إنْ كنتَ كذوباً فكُنْ ذَكُوراً. يعني: تذكَّر ما قُلْته أولاً، حتى لا تُغيِّره بعد ذلك.
ومن أمثلة الكذب الذي يفضح صاحبه قَوْلُ أحدهم للآخر: هل تذكر يوم كنا في مكان كذا ليلة العيد الصغير،
وكان القمر ظهراً!! فقال: كيف، يكون القمر مثل الظهر في آخر الشهر؟
وقد يلجأ القاضي إلى بعض الحِيَل، ولا بُدَّ أنْ يستخدم ذكاءه لاستجلاء وجه الحق،
كالقاضي الذي احتكم إليه رجلان يتهم أحدهما الآخر بأنه أخذ ماله أمانة، ثم أخذها لنفسه ودفنها
في موضع كذا وكذا،
فلما حاور القاضي المتهم أنكر فانصرف عنه، وتوجَّه إلى صاحب الأمانة، وقال له: اذهب إلى المكان،
وابحثْ لعلَّك تكون قد نسيتَه هنا أو هناك.
أو لعلّ آخر أخذه منك، فذهب صاحب المال، وفجأة سأل القاضي المتهم: لماذا تأخر فلان طوالَ هذا الوقت؟
فردَّ المتهم: لأن المكان بعيدٌ يا سيادة القاضي. فخانتْه ذاكرته، ونطق بالحق دون أن يشعر.
ثم يقول تعالى: { يَأْتُوكَ رِجَالاً.. }
ورجالاً هنا ليست جَمْعاً لرجل، إنما جمع لراجل، وهو الذي يسير على رِجْلَيْه
{ وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ.. } [الحج: 27] الضامر: الفَرَس أو البعير المهزول من طول السفر.
وتقديم الماشين على الراكبين تأكيد للحكم الإلهي { يَأْتُوكَ.. } [الحج: 27] فالجميع حريص على
اداء الفريضة حتى إنْ حَجَّ ماشياً.
وقوله: { يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ }أي: من كل طريق واسع { عَميِقٍ } يعني: بعيد.
ثم يقول الحق سبحانه: { لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ.. }.
كل عام وانتم بخير الحج اقترب وكذلك زاد معه الاشتياق الى البيت
اللهم ما اجعلنا من زوار ه والحج اليه يارب العالمين
يقول الله تعالى فى سوره الحج:
واذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق
أمر الله نبيه إبراهيم بعد أنْ رفع القواعد من البيت أنْ يُؤذِّن في الناس بالحج، لماذا؟
لأن البيت بيت الله، والخَلْق جميعاً خَلْق الله، فلماذا تقتصر رؤية البيت على مَنْ قُدِّر له أنْ يمرّ به،
أو يعيش إلى جواره؟
فأراد الحق - سبحانه وتعالى - أنْ يُشيع هذه الميْزة بين خَلْقه جميعاً، فيذْهبوا لرؤية بيت ربهم،
وإنْ كانت المساجد كلها بيوت الله،
إلا أن هذا البيت بالذات هو بيت الله باختيار الله؛ لذلك جعله قبْلة لبيوته التي اختارها الخَلْق.
إن من علامات الولاء بين الناس أنْ نزور قصور العظماء وعِلْية القوم، ثم يُسجل الزائر اسمه في
سِجلِّ الزيارات،ويرى في ذلك شرفاً ورِفْعة، فما بالك ببيت الله،
كيف تقتصر زيارته ورؤيته على أهله والمجاورين له أو مَنْ قُدِّر لهم المرور به؟
ومعنى { أَذِّن.. }الأذان: العلم، وأول وسائل العلم السماع بالأذن، ومن الأذن أُخذ الأذان. أي: الإعلام.
ومن هذه المادة قوله تعالى:
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ.. }[إبراهيم: 7]
أي: أعلم؛ لأن الأذن وسيلة السماع الأولى، والخطاب المبدئي الذي نتعلَّم به؛ لذلك قبل أنْ تتكلَّم لا بُدَّ
أنْ تسمع.وحينما أمر الله إبراهيم بالأذان لم يكُن حول البيت غير إبراهيم وولده وزوجته، فلمَنْ يُؤذِّن؟
ومَنْ سيستمع في صحراء واسعة شاسعة وواد غير مسكون؟
فناداه ربه: " يا إبراهيم عليك الأذان وعلينا البلاغ ".
مهمتك أنْ ترفَع صوتك بالأذان، وعلينا إيصال هذا النداء إلى كل الناس، في كل الزمان،
وفي كل المكان، سيسمعه البشر جميعاً، وهم في عالم الذَّرِّ وفي أصلاب آبائهم بقدرة الله تعالى
الذي قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:
{ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ.. }[الأنفال: 17].
يعني: أَدِّ ما عليك، واترك ما فوق قدرتك لقدرة ربك. فأذَّنَ إبراهيم في الناس بالحج،
ووصل النداء إلى البشر جميعاً، وإلى أن تقوم الساعة، فَمنْ أجاب ولَبَّى: لبيك اللهم لبيك كُتِبَتْ له حجة،
ومَنْ لبَّى مرتين كتِبت له حجَّتيْن وهكذا، لأن معنى لبيك: إجابةً لك بعد إجابة.
فإنْ قُلْتَ: إن مطالب الله وأوامره كثيرة، فلماذا أخذ الحج بالذات هذه المكانة؟
نقول: أركان الإسلام تبدأ بالشهادتين: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصوم،
ثم الحج،لو نظرتَ إلى هذه الأركان لوجدتَ أن الحج هو الركن الوحيد الذي يجتهد المسلم في أدائه
وإنْ لم يكُن مستطيعاً له ....
فتراه يوفر ويقتصد حتى من قُوته، وربما حرمَ نفسه لِيُؤدِّي فريضة الحج، ولا يحدث هذا ولا يتكلفه
الإنسان إلا في هذه الفريضة، لماذا؟
قالوا: لأن الله تعالى حكم في هذه المسألة فقال: أَذِّن - يأتوكَ، هكذا رَغْماً عنهم، ودون اختيارهم،
أَلاَ ترى الناس ينجذبون لأداء هذه الفريضة، وكأن قوة خارجة عنهم تجذبهم.
وهذا معنى قوله تعالى:
{ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ.. }[إبراهيم: 37]
ومعنى تهوي: تأتي دون اختيار من الْهُويِّ أي: السقوط، وهو أمر لا يملكه الإنسان، كالذي يسقط
من مكان عالٍ، فليس له اختيار في ألاَّ يسقط.
وهكذا تحِنُّ القلوب إلى بيت الله، وتتحرَّق شَوْقاً إليه، وكأن شيئاً يجذبها لأداء هذه الفريضة؛
لأن الله تعالى أمر بهذه الفريضة، وحكم فيها بقوله { يَأْتُوكَ.. } [الحج: 27]
أما في الأمور الأخرى فقد أمر بها وتركها لاختيار المكلف، يطيع أو يعصي،
إذن: هذه المسألة قضية صادقة بنصِّ القرآن.
وبعض أهل الفَهْم يقولون:
إن الأمر في: { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ.. } [الحج: 27] ليس لإبراهيم،
وإنما لمحمد صلى الله عليه وسلم - الذي نزل عليه القرآن، وخاطبه بهذه الآية،
فالمعنى
{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ.. }[الحج: 26]
يعني: اذكر يا مَنْ أُنْزل عليه كتابي إذْ بوأنا لإبراهيم مكان البيت، اذكر هذه القضية
{ وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ.. } فكأن الأمر هنا لمحمد صلى الله عليه وسلم.
لذلك لا نشاهد هذا النسك في الأمم الأخرى كاليهود والنصارى، فهم لا يحجون
ولا يذهبون إلى بيت الله أبداً،
وقد ثبت أن موسى - عليه السلام - حج بيت الله، لكن لم يثبت أن عيسى عليه السلام حَجَّ، بدليل
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" " يُوشك أنْ ينزل ابن مريم، ويأتي حاجاً، ويزور قبري، ويُدفن هناك ".
فقال رسول الله: " ويأتي حاجاً " لأنه لم يمت، وسوف يدرك عهد التكليف من رسول الله حين
ينزل من السماء، وسيصلي خلف إمام من أمة محمد صلى الله على جميع أنبياء الله ورُسُله.
ومن المسائل التي نحتجُّ بها عليهم قولهم: إن الذبيح إسحق،
فلو أن الذبيح إسحق كما يدَّعون لكانت مناسك الذبح والفداء ورَمْي الجمار عندكم في الشام،
أمّا هذه المناسك فهي هنا في مكة، حيث كان إسماعيل.
ثم تذكَّروا جيداً ما قاله كتابكم المقدس في الأصحاح 23، 24 من أن الحق - سبحانه وتعالى -:
أوحى إلى إبراهيم أن يصعد على جبل فاران، ويأخذ ولده الوحيد ويذبحه، فالوحيد إسماعيل لا إسحق؛
لأن الله فدى إسماعيل، ثم بشَّر إبراهيم بإسحق.
ومن حكمة الله - عز وجل - أنْ جعل في كذب الكاذب مَنْفذاً للحق، وثغرات نصل منها إلى الحقيقة؛
لذلك يقول رجال القضاء:
ليست هناك جريمة كاملة أبداً، لا بُدَّ أنْ يترك المجرم قرينة تدلُّ عليه مهما احتاط لجريمته،
كأن يسقط منه شيء ولو أزرار من ملابسه، أو ورقة صغيرة بها رقم تليفون.. إلخ،
لذلك نقول: الجريمة لا تفيد؛ لأن المجرم سيقع لا محالة في يد مَنْ يقتصُّ منه.
ولرجال القضاء ووكلاء النيابة مقدرة كبيرة على استخلاص الحقيقة من أفواه المجرمين أنفسهم، فيظل
القاضي يحاوره إلى أنْ يجد في كلامه ثغرةً أو تضارباً يصل منه إلى الحقيقة.
ذلك لأن للصدق وجهاً واحداً لا يمكن أنْ يتلجلج صاحبه أو يتردد، أمّا الكذب فله أكثر من وجه،
والكاذب نفسه لو حاورتَهُ أكثر من مرة لوجدتَ تغييراً وتضارباً في كلامه؛
لذلك العرب يقولون: إنْ كنتَ كذوباً فكُنْ ذَكُوراً. يعني: تذكَّر ما قُلْته أولاً، حتى لا تُغيِّره بعد ذلك.
ومن أمثلة الكذب الذي يفضح صاحبه قَوْلُ أحدهم للآخر: هل تذكر يوم كنا في مكان كذا ليلة العيد الصغير،
وكان القمر ظهراً!! فقال: كيف، يكون القمر مثل الظهر في آخر الشهر؟
وقد يلجأ القاضي إلى بعض الحِيَل، ولا بُدَّ أنْ يستخدم ذكاءه لاستجلاء وجه الحق،
كالقاضي الذي احتكم إليه رجلان يتهم أحدهما الآخر بأنه أخذ ماله أمانة، ثم أخذها لنفسه ودفنها
في موضع كذا وكذا،
فلما حاور القاضي المتهم أنكر فانصرف عنه، وتوجَّه إلى صاحب الأمانة، وقال له: اذهب إلى المكان،
وابحثْ لعلَّك تكون قد نسيتَه هنا أو هناك.
أو لعلّ آخر أخذه منك، فذهب صاحب المال، وفجأة سأل القاضي المتهم: لماذا تأخر فلان طوالَ هذا الوقت؟
فردَّ المتهم: لأن المكان بعيدٌ يا سيادة القاضي. فخانتْه ذاكرته، ونطق بالحق دون أن يشعر.
ثم يقول تعالى: { يَأْتُوكَ رِجَالاً.. }
ورجالاً هنا ليست جَمْعاً لرجل، إنما جمع لراجل، وهو الذي يسير على رِجْلَيْه
{ وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ.. } [الحج: 27] الضامر: الفَرَس أو البعير المهزول من طول السفر.
وتقديم الماشين على الراكبين تأكيد للحكم الإلهي { يَأْتُوكَ.. } [الحج: 27] فالجميع حريص على
اداء الفريضة حتى إنْ حَجَّ ماشياً.
وقوله: { يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ }أي: من كل طريق واسع { عَميِقٍ } يعني: بعيد.
ثم يقول الحق سبحانه: { لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ.. }.
Poison Prince- مساعد صاحب المنتدى
- عدد المساهمات : 846
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
العمر : 30
مواضيع مماثلة
» كم تكلمنا عن الناس من وراهم ؟؟
» لماذا حرم الاسلام اكل لحوم الجوارح
» لماذا يرسب الطالب ؟
» لماذا لا ينام الله جل جلاله؟؟
» لماذا سمينا بالانسان
» لماذا حرم الاسلام اكل لحوم الجوارح
» لماذا يرسب الطالب ؟
» لماذا لا ينام الله جل جلاله؟؟
» لماذا سمينا بالانسان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى